خذوا كلوا هذا هو جسدي .. خذوا أشربوا هذا هو دمي |
و فيما هم ياكلون اخذ يسوع الخبز و بارك و كسر و اعطى التلاميذ و قال خذوا كلوا هذا هو جسدي. و اخذ الكاس و شكر و اعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم. لان هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا. (مت 26 : 26-28)
من ياكل جسدي و يشرب دمي فله حياة ابدية و انا اقيمه في اليوم الاخير (يو 6 : 54)
من ياكل جسدي و يشرب دمي يثبت في و انا فيه (يو 6 : 56)
لان جسدي مأكل حق و دمي مشرب حق (يو 6 : 55)
سر القربان المقدس
من ضمن أسرار الكنيسة السبعة (فيك من يكتم السر ؟ وي مسيو, في بير) : سر المعمودية و سر الزيجة و سر الكهنوت و سر مسحة المرضى و سر شويبس .. الخ, يبرز أحد الأسرار المقدسة كأطرف و أظرف الطقوس المسيحية على الإطلاق, إنه سر الإفخارستيا أو سر التناول المقدس .. حيث يتحول العيش و الخمر الي جسد المسيح و دمه بطريقة سرية غامضة مخفية ( اوعى حد يفضح السر ) !!و وجه الطرافة الأول هو هذا التشابه الغريب العجيب بين شخصية المسيح في الروايات الإنجيلية و بين شخصية “الكونت دراكيولا” .. فدراكيولا هو مصاص دماء خالد لا يموت لأنه يتغذى على دماء ضحاياه لكن إذا أراد دراكيولا أن يجعل أحد ضحاياه هو الآخر مصاص دماء فإنه يجرح نفسه فيدمي و يسقي الضحية بدماؤه حتى تصير مصاص دماء Vampire هي الأخرى !! مفهوم طبعا أن الكاتب الشهير “برام ستوكر” قد ألف روايته (دراكيولا) بعد ميلاد المسيح (المفترض) بقرون طويله و أنه قد إستوحى القصة من كونت حقيقي اشتهر بالوحشية و القسوة في رومانيا – ترانسلفانيا بل إن مسألة مص الدماء هذة تبدو مستوحاة أيضا من مرض حقيقي في الدم .. لكن إلي أي حد تنطبق كلمات المسيح على دراكيولا حين يحاول تحويل البشر إلي مصاصي دماء ؟! من يشرب دمي يثبت فيا و أنا فيه ؟ هل كان برام ستوكر يسخر من السيد المسيح ؟!!
كل شيء تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم و بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9 : 22) !!
لكن لماذا ؟ ما هي هذة الحميمية و الألفة بين الإله اليهو-مسيحي و بين الدماء ؟ و لماذا لا يغفر هذا الإله الوحشي إلا بسفك دم ؟ و لماذا لم يجد طريقة اخرى غير دعوة تلاميذه للشرب من دمه حتى يثبتوا فيه و ينالوا الحياة الأبدية (الخلود مثل دراكيولا) ؟! أي قوانين هذة و ما الذي يجعل هذا الإله بهذة البربرية و الوحشية ؟!! ثم مسألة الاكل من لحمه هذة أيضا .. هذة ممارسات كانيباليزم Cannibalism (أكل لحوم البشر) مثل التي كان يحبها السفاح الاسطوري Hannibal Lector في فيلم صمت الحملان (Silence of the Lambs) !! لماذا يجب على المسيحيين أكل لحم الههم و الشرب من دمه حتى يثبتوا فيه و ينالوا لمغفرة و الخلود ؟!!
و عموما لو بحثنا في عادات و تقاليد و تاريخ الشعوب الإنسانية لوجدنا أشياء عجيبة بخصوص طقوس الكانيباليزم هذة .. فممارسات أكل لحوم البشر هذة تحدث في سياقين :
- أوقات المجاعات و الفيضانات و الكوارث و الحروب .. حيث يعود الكائن البشري الي طبيعته الحيوانية حين تتراجع الظروف الإنسانية و تأتي ظروف صعبة وحشية لكي تستفز الحيوان الساكن بداخل البشر, فتأكل الأم رضيعها لكي تعيش, و ياكل الأخ اخيه و الصديق صديقه.
- في الثقافات و القبائل البدائية .. و خصوصا في وسط أفريقيا و في غابات الامازون و في حضارات امريكا الجنوبية القديمة, و مع إن هذة الممارسات البدائية قد اختفت حاليا من العالم (حسبما نعلم) إلا ان ما عرفناه من هذة الشعوب البدائية أن طقوس و ممارسات أكل لحوم البشر تحدث بدافعين :
- دافع التبجيل و الإحترام : حيث يأكل أفراد القبيلة لحم زعيمهم او من يرونه عظيما او مختارا لكي يكسبوا شجاعته و قوته و حكمته.
- دافع الإنتقام و الإرهاب : حيث يأكل أفراد القبيلة المنتصرة لحوم اعداؤهم كنوع من إعلان الإنتصار و إظهار القسوة و البأس.
و العجيب أن موقف المسيحيين من أكل جسد و شرب دم الههم هنا يتفق تماما مع سياق الإحترام و لتبجيل و إكتساب القدرات الذي كانت تمارسه القبائل البدائية القديمة .. بحيث يصعب جدا تجاهل الإنطباع الوحشي البدائي لها الطقس الوثني المسمى سر الإفخارستيا ! و مع إن المسيحيين لا ياكلون فعلا لحما بشريا و لا يشربون دماء بشرية (إله متجسد .. ولا تزعّل نفسك) فهم يأكلون لقمة عيش و رشفة خمر مخفف بالماء لا اكثر ولا أقل .. لكنهم يعتقدون انه لحم و دم حقيين و يتخيلون انه لحم و دم و هم يأكلونه (يعععععععع شيء مقزز) و يتعاملون و كأنه لحم و دم فعلا !! ولا يعرف المرء صراحة أيهما أفدح و أغرب .. اكل اللحم البشري و شرب الدم, ام اكل عيش و شرب الخمر على انه لحم و دم ؟!! فيبدو ان الحضارة و التحضر قد منعا المسيحيين من ممارسة هواياتهم في اكل لحوم البشر حتى لم يتبقا إلا الخيال .. و ياله من خيال !!
يعني الشكل شكل عيش و خمر, و الطعم طعم عيش و خمر, و هما فعلا عيش و خمر .. لكنك لو سألت مسيحيا سيقول لك ان هذا جسد الرب و دمه !! و ان أكله شيء جيد !! و انه أحس براحة نفسية بعد شربه للدم و أكله للحم !! و انهما يتحولا بطريقة إلهية خارقة سرية و لهذا سميت سر من اسرار الكنيسة لانكم يا كفرة لن تفهموا أبدا هذة الأشياء المقدسة لأنكم غير مؤمنين و غير مسوقين بالعفريت المقدس (“الروح القدس” .. حابس حابس, يجعل كلامنا خفيف عليه) الذي يحصل عليه المرء بالمعمودية و الذي يهدي من يشاء و يضل من يشاء بغير حساب !!
و من المساءل الغريبة الأخرى هو موقف توما الرسول, فهو معروف بشكه و حذره حتى لقب بالقديس توما الشكاك .. حتى أنه بعد موت المسيح و ظهوره للتلاميذ في العلية شك فيه توما : على أساس أنه لم يكن موجودا و لم يرى عفريت المسيح (دستور يا سيادي), فظن هذا الشكاك المتعجرف ان التلاميذ يخرفون و ان المسيح لم يظهر !! لا تعرف أبدا منطق او سبب شك هؤلاء الشكاكين المتكبرين !!
اما توما احد الاثني عشر الذي يقال له التوام فلم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الاخرون قد راينا الرب فقال لهم ان لم ابصر في يديه اثر المسامير و اضع اصبعي في اثر المسامير و اضع يدي في جنبه لا اؤمن. و بعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا و توما معهم فجاء يسوع و الابواب مغلقة و وقف في الوسط و قال سلام لكم. ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا و ابصر يدي و هات يدك و ضعها في جنبي و لا تكن غير مؤمن بل مؤمنا. اجاب توما و قال له ربي و الهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا و لم يروا. (يو 20 : 24-29)
و توما الشكاك هذا كان جالسا حين كان المسيح يوزع على التلاميذ لكي ياكلوا لحمه و يشربوا دمه .. لكن لم يذكر انه شك او إعترض او حتى إستفهم عن : كيف بحق العقلانية يوزع المسيح من لحمه و دمه و هو جالس على المائدة سليم معافى و بلا أي خدش !! كم كنت اتمنى لو اعترض توما او اعلن شكه حتى لكي يؤمن في النهاية بهذة الخزعبلات .. بس يعمل له اي منظر يعني !! لكن لان هذا لم يحدث فقد تخيلت سيناريو إفتراضي من عندياتي اعوض به هذا الفراغ الدرامي في الرواية !!
- المسيح : خذوا كلوا هذا هو جسدي, خذوا إشربوا هذا هو دمي.
- توما : لكن يا معلم ها انت سليم معافى بيننا و زي ضلفة الباب لموآخذة .. يبقى ازاي ده لحمك و دمك ؟ و ازاي يبقا لحمك و دمك و هو عيش و خمر و كلنا عارفين إنه عيش و خمر ؟ و لو حتى كان لحمك و دمك, ليه ننهش فيك و انت عايش ؟
- المسيح قام واقفا و هو عاقد الحاجبين و الشرر يتطاير من بين عينيه : تعالى هنا ياض يا توما !
- توما يجري مسرعا بإتجاه المسيح و هو يقول : أمرك يا معلم.
- امسكه المسيح من قفاه في عنف و رفعه عن الأرض بيد واحدة (مثل أمين في فيلم “طاقية الإخفاء”) ثم صفعه على وجهه صفعة لوحت توما و هو يقول : انت بترد عليا ليه ياض ؟ انت مش عارف انا مين ولا ايه ؟
- توما و هو يتلوى : انت هو المسيح ابن الله الحي
- المسيح يصفعه مرة اخرى على الخد الآخر و يقول له : و لما انت عارف ياض, بترد عليا ليه ؟!
- توما خائفا : يا معلم ما إنت بتقول حاجات غريبة اوي طيب !! ازاي يبقا ده لحمك و دمك و انت سليم و زي الفل ؟!!
- المسيح : ياض ! هو إنت لازم تقرفني و تطلع عيني كده كل ما افتكس حاجة أو أقول حاجة ؟!! ما انا الله و ابن الله و أقدر اعمل اللي انا عايزه ! دمي و انا حر فيه يابن القديمة .. يعني اعمل فيه اللي انا عايزه. أفرده و اتنيه .. أغسله و أكويه.
- ثم أمسك المسيح بقطعة خبز كبيرة و حشرها في بلعوم توما بعنف, ثم سأله : ايه اللي بتاكله ده يا واد ؟
- توما : لحمك يا معلم
- المسيح : و ايه رأيك فيه ؟
- توما : يا سلام, مفيش أحسن و لا أطعم من كده .. بس يا سلام بقا لو كان مشوي على الفحم !
- ثم راح المسيح يصب الخمر في جوف توما و هو يسأله : ايه اللي بتشربه ده يا واد ؟
- توما : دمك يا معلم
- المسيح : و ايه رأيك فيه ؟
- توما : يا سلام, دمك خفيف اوي يا معلم .. و زي السكر كمان.
- فتركه المسيح لكي يسقط على الأرض متكوما و هو يقول : جتكوا القرف عالم شكاكه .. يعني لازم تشك كده في كل حاجة أقولها كده يا توما في الأول .. و بعدين تقتنع في الآخر ؟! طب ما كان م الاول ؟!!
- ثم نظر الي بقية التلاميذ في قسوة و هو يصرخ مثل اكيليس في فيلم “Troy” : حد ليه شوق في حاجة تاني يا كتاكيت ؟! و ترد عليه عيون منكسرة تنظر في الأرض.
- المسيح منهيا العشاء الرباني : اطفحوا و خلصوني .. لسه ورايا صلب و قيامة و نيلة سودة على دماغكوا !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق