قال ابن حزم: "وكانت دولة عربية لم يتخذوا قاعدة(1)، إنما كان سكنى كل امرئ منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل الخلافة، ولا أكثروا احتجانَ(2) الأموال ولا بناءَ القصور، ولا استعملوا مع المسلمين أن يخاطبوهم بالتمويل(3) ولا التسويد(4)، ويُكاتبوهم بالعبودية والمُلك(5)، ولا تقبيل الأرض ولا رِجْلٍ ولا يَدٍ(6)، وإنما كان غرضهم الطاعةَ الصحيحة من التولية والعزل في أقاصي البلاد، فكانوا يعزلون العمَّال، ويولُّون الآخرين في الأندلس، وفي السند، وفي خراسان، وفي أرمينية، وفي اليمن، فما بين هذه البلاد..
وبعثوا إليها الجيوش، وولَّوْا عليها مَنِ ارتضوا من العمال، وملكوا أكثر الدنيا، فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغلّب عليهم بنو العباس بالمشرق، وانقطع بهم ملكهم، فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة، فلم يكُ في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصرًا على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير"(7).
هذه كلمة حق من إمام كبير ثقة ثبت بحجم ابن حزم، وقد قالها بعد انقضاء آخر معاقل الدولة الأموية في الأندلس، بعدما تفكك الحكم الأموي وآلت الأندلس إلى عصر ملوك الطوائف.. ومن ساعتها بدأ حكم الأندلس في الضعف والانهيار، وحتى فترات النهضة التي كانت في عصر المرابطين ثم الموحدين لم تبلغ ما بلغه الحكم الأموي، إذ سقطت طليطلة إلى غير رجعة (478هـ)، فتقلصت مساحة الأندلس الإسلامية، حتى إذا انهار المرابطون والموحدون لم يعد بالأندلس قيادة قوية، وذهبت الأندلس نحو مصيرها البائس ولحظاتها الأخيرة..
فكلمة ابن حزم هذه ليست فحسب قيمة في ميزان التأريخ، بل كأنه كان يرى الغيب ويعرف أنه لن تبلغ الأندلس تحت حكم آخر مثلما بلغته تحت حكم الأمويين.
وعلى رغم ما فعلته الدولة الأموية من مآثر وما كان لها من أيادٍ بيضاء على الإسلام وتاريخه وحضارته، إلا أنها أكثر الدول التي تعرضت للهجوم والتشويه، وكثير من هذا الهجوم كان نتيجة مقارنتها بعهد الخلافة الراشدة، وأكثر منه ما كان معتمدًا على النظرة غير الصحيحة السائدة عن سيدنا معاوية رضي الله عنه.. وبأثرٍ من هذا نستعرض بعضًا من مآثر بني أمية:
1- انتشار الفتوحات:
كان بنو أمية يفتحون البلاد في أربع جهات على البر، بخلاف فتح جزر البحر المتوسط، وبلغت دولة الإسلام أقصى اتساع لها -كدولة واحدة- في ظل الأمويين، وكانت ذروة الفتوحات الإسلامية على أيدي هؤلاء القادة: تم فتح المغرب والأندلس على يد القادة: عقبة بن نافع وحسان بن النعمان وموسى بن نصير، ومن ورائها فرنسا على يد عبد العزيز بن موسى بن نصير والسمح بن مالك الخولاني وعبد الرحمن الغافقي، وسارت الفتوح في الشرق في بلاد ما وراء النهر حتى الصين بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي، وفي الجنوب الشرقي حتى السند بقيادة المهلب بن أبي صفرة ومحمد بن القاسم، وفي الشمال وبلاد القوقاز بقيادة مسلمة بن عبد الملك ومروان بن محمد..
هؤلاء القادة هم الذين رسخوا الوجود الإسلامي في تلك المناطق وكانت فتوحاتهم تتميمًا وتكميلاً لما سبقها من فتوح في عهد الراشدين، وتأسيسًا لدخول هذه المناطق في الدولة الإسلامية بشكل نهائي(8).
وقد جرت في كل تلك الفتوح أعمال من أندر وأروع ما يمكن أن يكتب في تاريخ البطولة والأبطال، وقدم الفاتحون نماذج لا مثيل لها في الجهاد والبذل والتضحية والإخلاص، وكم من مجاهد مات في هذه الأرض البعيدة لا نعرف اسمه ولا قبيلته ولا شيئًا من حياته، ترك الدنيا كلها وذهب ليموت في تلك الأصقاع لا يرجو إلا الله والدار الآخرة، ستأتي هذه البلاد في ميزان حسناته يوم القيامة!!
وما استطاع أحد بعد بني أمية أن يسطر في الفتوح تاريخًا كتاريخهم، ولا حتى تاريخًا يقاربهم!
2- وحدة الدولة:
فلقد ظلت الدولة الإسلامية دولة واحدة في عهد الأمويين، وهو ما لم يتوفر لدولة من بعدهم أبدًا؛ إذ كثرت الاستقلالات الذاتية للولايات والمناطق لا سيما البعيدة، وخصوصًا في أوقات ضعف الخلافة المركزية، بعكس الحال في عهد بني أمية إذ ظلت الدولة متوحدة يملك خليفتها في دمشق أن يعين الوالي أو يعزله في الأندلس غربًا أو في بلاد ما وراء النهر شرقًا، وما إن انتهت الدولة الأموية حتى كأنها على موعد مع انتهاء الدولة الإسلامية الواحدة.
فما إن استقرت الدولة العباسية في عهد المنصور إلا وكانت الأندلس قد خرجت من سيطرته حيث استقل بها الفتى الأموي عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، الذي عرف باسم "عبد الرحمن الداخل" ولُقّب بـ"صقر قريش".. وقد استطاع "الداخل" أن يعيد مجد الأمويين في المغرب بعد زوال دولتهم في المشرق، وأنقذ الوجود الإسلامي في الأندلس من الضياع بعد أن كانت الحالة الأندلسية قد تقسمت بين العصبيات والقبليات من ناحية، وأرهقتها الحروب التي اشتعلت مع الفرنج خارجيًّا ومع الخوارج داخليًّا.. استطاع الفتى الأموي بناء الدولة الإسلامية في الأندلس وجعل قرطبة الغرب قرينة بغداد الشرق.
ثم ما لبثت المغرب أن انفصلت وخرجت عن سلطان الخلافة، ونشأت فيها دول للخوارج، استقلت بالمغرب الأقصى والأوسط، ولم تستطع الخلافة العباسية إلا مدّ نفوذها حتى المغرب الأدنى وإفريقية (تونس الآن)، وذلك في أقوى عهودها: المنصور والمهدي.. ثم كان للرشيد أسلوب آخر في إدارة الولايات البعيدة يشبه النظام الفيدرالي المعاصر، فعَهِد بإفريقيّة إلى الأغالبة، وبخراسان إلى الطاهريين.. واستمر هذا النظام فيما بعد.
على أن الشاهد المقصود هو أن الدولة الإسلامية الموحدة تحت خليفة واحد انتهت مع الدولة الأموية التي استطاع خلفاؤها أن يجمعوا تحت رايتهم كل أبناء الأمة الإسلامية شرقًا وغربًا.
3- التعريب:
لقد ظلت الدواوين الإدارية تكتب بغير العربية(9)، بل بلغة البلاد المفتوحة؛ ففي مصر كان الدواوين تكتب باللغة القبطية حتى بعد الفتح، وفي العراق وفارس تكتب بالفارسية، وفي الشام تكتب بالرومية (اليونانية) وهكذا، حتى أمر عبد الملك بن مروان ثم الوليد بن عبد الملك بتحويل الدواوين إلى اللغة العربية(10).
وكان لهذا القرار تأثير واسع في انتشار وثبات اللغة العربية في البلاد المفتوحة، وساهم في إقبال غير العرب على تعلمها واستيعابها، وهو ما أدى إلى النهضة باللغة العربية وجعلها لغة العلوم والحضارة فيما بعد(11). ويكفي أن نعلم أن البلاد التي ثبتت فيها اللغة العربية لم يخرج منها الإسلام أبدًا إلا في حالة واحدة وهي "الأندلس"، وحسبك بهذا وحده حسنة من حسنات الدولة الأموية.
كما كان لهذا القرار أثر عميق على توحيد الدولة توحيدًا حقيقيًّا وراسخًا وليس مجرد انضواء تحت سلطة سياسية واحدة، ولا حتى توحيدها ماليًّا وإداريًّا فحسب.. إن مثل هذا القرار مَكّن الأجيال التالية عبر القرون أن تنتقل من الأندلس غربًا إلى أقصى الشرق تطلب العلم أو تطلب الرزق دون أن تعترضها حواجز اللغة، وحين تتكلم هذه الأقطار الواسعة لغة واحدة تفكر بها فتقول وتخطب وتكتب وتؤلف بها، فلا بد أن نتوقع ثراءً لا محدودًا وإسهامات غنية من الشرق والغرب والشمال والجنوب وما بينهما، وبهذه الإضافات كانت الحضارة الإسلامية أكثر الحضارات ثراء وخصوبة.
ولئن كنا نتذكر فضل الخليفة العباسي المأمون على الحضارة الإسلامية كأوسع خليفة تمت في عهده حركة ترجمة العلوم إلى العربية، فلا بد أن نتذكر قبله بالفضل عبد الملك بن مروان الذي أسس لسيادة اللغة العربية نفسها، فمن ثَمّ نشأت الحاجة إلى ترجمة العلوم إليها، فلم يضطر المسلمون إلى الخروج من ذواتهم وهويتهم حين أنشئوا الحضارة، بل احتفظوا بأصالتهم فاستوعبوا حضارات من قبلهم ثم أضافوا إليها فأبدعوا.
*باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، صاحب مدونة المؤرخ. وقد نشر المقال في المركز العربي للدراسات والأبحاث تحت عنوان حسنات بني أمية .
وبعثوا إليها الجيوش، وولَّوْا عليها مَنِ ارتضوا من العمال، وملكوا أكثر الدنيا، فلم يملك أحد من ملوك الدنيا ما ملكوه من الأرض، إلى أن تغلّب عليهم بنو العباس بالمشرق، وانقطع بهم ملكهم، فسار منهم عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس، وملكها هو وبنوه، وقامت بها دولة بني أمية نحو الثلاثمائة سنة، فلم يكُ في دول الإسلام أنبل منها، ولا أكثر نصرًا على أهل الشرك، ولا أجمع لخلال الخير"(7).
هذه كلمة حق من إمام كبير ثقة ثبت بحجم ابن حزم، وقد قالها بعد انقضاء آخر معاقل الدولة الأموية في الأندلس، بعدما تفكك الحكم الأموي وآلت الأندلس إلى عصر ملوك الطوائف.. ومن ساعتها بدأ حكم الأندلس في الضعف والانهيار، وحتى فترات النهضة التي كانت في عصر المرابطين ثم الموحدين لم تبلغ ما بلغه الحكم الأموي، إذ سقطت طليطلة إلى غير رجعة (478هـ)، فتقلصت مساحة الأندلس الإسلامية، حتى إذا انهار المرابطون والموحدون لم يعد بالأندلس قيادة قوية، وذهبت الأندلس نحو مصيرها البائس ولحظاتها الأخيرة..
فكلمة ابن حزم هذه ليست فحسب قيمة في ميزان التأريخ، بل كأنه كان يرى الغيب ويعرف أنه لن تبلغ الأندلس تحت حكم آخر مثلما بلغته تحت حكم الأمويين.
وعلى رغم ما فعلته الدولة الأموية من مآثر وما كان لها من أيادٍ بيضاء على الإسلام وتاريخه وحضارته، إلا أنها أكثر الدول التي تعرضت للهجوم والتشويه، وكثير من هذا الهجوم كان نتيجة مقارنتها بعهد الخلافة الراشدة، وأكثر منه ما كان معتمدًا على النظرة غير الصحيحة السائدة عن سيدنا معاوية رضي الله عنه.. وبأثرٍ من هذا نستعرض بعضًا من مآثر بني أمية:
1- انتشار الفتوحات:
كان بنو أمية يفتحون البلاد في أربع جهات على البر، بخلاف فتح جزر البحر المتوسط، وبلغت دولة الإسلام أقصى اتساع لها -كدولة واحدة- في ظل الأمويين، وكانت ذروة الفتوحات الإسلامية على أيدي هؤلاء القادة: تم فتح المغرب والأندلس على يد القادة: عقبة بن نافع وحسان بن النعمان وموسى بن نصير، ومن ورائها فرنسا على يد عبد العزيز بن موسى بن نصير والسمح بن مالك الخولاني وعبد الرحمن الغافقي، وسارت الفتوح في الشرق في بلاد ما وراء النهر حتى الصين بقيادة قتيبة بن مسلم الباهلي، وفي الجنوب الشرقي حتى السند بقيادة المهلب بن أبي صفرة ومحمد بن القاسم، وفي الشمال وبلاد القوقاز بقيادة مسلمة بن عبد الملك ومروان بن محمد..
هؤلاء القادة هم الذين رسخوا الوجود الإسلامي في تلك المناطق وكانت فتوحاتهم تتميمًا وتكميلاً لما سبقها من فتوح في عهد الراشدين، وتأسيسًا لدخول هذه المناطق في الدولة الإسلامية بشكل نهائي(8).
وقد جرت في كل تلك الفتوح أعمال من أندر وأروع ما يمكن أن يكتب في تاريخ البطولة والأبطال، وقدم الفاتحون نماذج لا مثيل لها في الجهاد والبذل والتضحية والإخلاص، وكم من مجاهد مات في هذه الأرض البعيدة لا نعرف اسمه ولا قبيلته ولا شيئًا من حياته، ترك الدنيا كلها وذهب ليموت في تلك الأصقاع لا يرجو إلا الله والدار الآخرة، ستأتي هذه البلاد في ميزان حسناته يوم القيامة!!
وما استطاع أحد بعد بني أمية أن يسطر في الفتوح تاريخًا كتاريخهم، ولا حتى تاريخًا يقاربهم!
2- وحدة الدولة:
فلقد ظلت الدولة الإسلامية دولة واحدة في عهد الأمويين، وهو ما لم يتوفر لدولة من بعدهم أبدًا؛ إذ كثرت الاستقلالات الذاتية للولايات والمناطق لا سيما البعيدة، وخصوصًا في أوقات ضعف الخلافة المركزية، بعكس الحال في عهد بني أمية إذ ظلت الدولة متوحدة يملك خليفتها في دمشق أن يعين الوالي أو يعزله في الأندلس غربًا أو في بلاد ما وراء النهر شرقًا، وما إن انتهت الدولة الأموية حتى كأنها على موعد مع انتهاء الدولة الإسلامية الواحدة.
فما إن استقرت الدولة العباسية في عهد المنصور إلا وكانت الأندلس قد خرجت من سيطرته حيث استقل بها الفتى الأموي عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، الذي عرف باسم "عبد الرحمن الداخل" ولُقّب بـ"صقر قريش".. وقد استطاع "الداخل" أن يعيد مجد الأمويين في المغرب بعد زوال دولتهم في المشرق، وأنقذ الوجود الإسلامي في الأندلس من الضياع بعد أن كانت الحالة الأندلسية قد تقسمت بين العصبيات والقبليات من ناحية، وأرهقتها الحروب التي اشتعلت مع الفرنج خارجيًّا ومع الخوارج داخليًّا.. استطاع الفتى الأموي بناء الدولة الإسلامية في الأندلس وجعل قرطبة الغرب قرينة بغداد الشرق.
ثم ما لبثت المغرب أن انفصلت وخرجت عن سلطان الخلافة، ونشأت فيها دول للخوارج، استقلت بالمغرب الأقصى والأوسط، ولم تستطع الخلافة العباسية إلا مدّ نفوذها حتى المغرب الأدنى وإفريقية (تونس الآن)، وذلك في أقوى عهودها: المنصور والمهدي.. ثم كان للرشيد أسلوب آخر في إدارة الولايات البعيدة يشبه النظام الفيدرالي المعاصر، فعَهِد بإفريقيّة إلى الأغالبة، وبخراسان إلى الطاهريين.. واستمر هذا النظام فيما بعد.
على أن الشاهد المقصود هو أن الدولة الإسلامية الموحدة تحت خليفة واحد انتهت مع الدولة الأموية التي استطاع خلفاؤها أن يجمعوا تحت رايتهم كل أبناء الأمة الإسلامية شرقًا وغربًا.
3- التعريب:
لقد ظلت الدواوين الإدارية تكتب بغير العربية(9)، بل بلغة البلاد المفتوحة؛ ففي مصر كان الدواوين تكتب باللغة القبطية حتى بعد الفتح، وفي العراق وفارس تكتب بالفارسية، وفي الشام تكتب بالرومية (اليونانية) وهكذا، حتى أمر عبد الملك بن مروان ثم الوليد بن عبد الملك بتحويل الدواوين إلى اللغة العربية(10).
وكان لهذا القرار تأثير واسع في انتشار وثبات اللغة العربية في البلاد المفتوحة، وساهم في إقبال غير العرب على تعلمها واستيعابها، وهو ما أدى إلى النهضة باللغة العربية وجعلها لغة العلوم والحضارة فيما بعد(11). ويكفي أن نعلم أن البلاد التي ثبتت فيها اللغة العربية لم يخرج منها الإسلام أبدًا إلا في حالة واحدة وهي "الأندلس"، وحسبك بهذا وحده حسنة من حسنات الدولة الأموية.
كما كان لهذا القرار أثر عميق على توحيد الدولة توحيدًا حقيقيًّا وراسخًا وليس مجرد انضواء تحت سلطة سياسية واحدة، ولا حتى توحيدها ماليًّا وإداريًّا فحسب.. إن مثل هذا القرار مَكّن الأجيال التالية عبر القرون أن تنتقل من الأندلس غربًا إلى أقصى الشرق تطلب العلم أو تطلب الرزق دون أن تعترضها حواجز اللغة، وحين تتكلم هذه الأقطار الواسعة لغة واحدة تفكر بها فتقول وتخطب وتكتب وتؤلف بها، فلا بد أن نتوقع ثراءً لا محدودًا وإسهامات غنية من الشرق والغرب والشمال والجنوب وما بينهما، وبهذه الإضافات كانت الحضارة الإسلامية أكثر الحضارات ثراء وخصوبة.
ولئن كنا نتذكر فضل الخليفة العباسي المأمون على الحضارة الإسلامية كأوسع خليفة تمت في عهده حركة ترجمة العلوم إلى العربية، فلا بد أن نتذكر قبله بالفضل عبد الملك بن مروان الذي أسس لسيادة اللغة العربية نفسها، فمن ثَمّ نشأت الحاجة إلى ترجمة العلوم إليها، فلم يضطر المسلمون إلى الخروج من ذواتهم وهويتهم حين أنشئوا الحضارة، بل احتفظوا بأصالتهم فاستوعبوا حضارات من قبلهم ثم أضافوا إليها فأبدعوا.
*باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، صاحب مدونة المؤرخ. وقد نشر المقال في المركز العربي للدراسات والأبحاث تحت عنوان حسنات بني أمية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق