مبدأ التوحيد في القرآن العظيم - الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة
ثم أما بعد : قال تعالى " أفلا يتدبرون القرأن "...
وفي محاولة لتدبر القرأن العظيم نعيش مع مبادئ الإسلام العظيمة
ونبدأ بالتوحيد كأهم مبدأ من مبادئ الإسلام
إذ عليه تقوم العقيدة الصحيحة للإنسان وبدونه تنهار العقيدة وينهار معها الإنسان ذاته


ومع الجزء الأول من القرآن العظيم
ومبدأ التوحيد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)


ويبدأ الجزء الأول بهذه الآيات المنيرة من سورة الفاتحة ليؤكد مبدأ التوحيد من أول آية
بسم الله الرحمن الرحيم
أبتدئ قراءة القرآن باسم الله مستعينا به- فهو الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
المعبود بحق دون سواه – الرحمن الرحيم
وقد علمنا ربنا أن نتجه له بالحمد , تبارك وتعالى بصفة كماله ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
فهو سبحانه المنشئ للخلق, القائم بأمورهم, المربي لجميع خلقه بنعمه, ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح.
ومن هنا ندرك عالمية رسالة الإسلام , فهي من رب العالمين

قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ -107 الأنبياء

أن الله جعل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين أي أرسله رحمة لهم كلهم
فمن قبل الرحمة وشكر هذه النعمة سعد في الدنيا والآخرة ومن ردها وجحدها خسر الدنيا والآخرة

وإن للإيمان بالله وحده لاشريك له حلاوة في قلب المؤمن
لايشعر بها إلا من أمن


روى البخاري في صحيحه
عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
‏"‏ ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ .

والإيمان ( بالله وحده لاشريك له ) يستتبع أن تؤمن بكتبه التي أرسلها
وأخرها القرآن الكريم
وأن تؤمن بالملائكة واليوم الأخر وجميع رسله وأخرهم
رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم

روى مسلم في صحيحه
‏عن ‏عمر بن الخطاب ‏ ‏قال ‏ ‏بينما نحن عند رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ذات يوم
إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد
حتى جلس إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه
وقال يا ‏ ‏محمد ‏ ‏أخبرني عن الإسلام ؟
فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم :‏ ‏الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن ‏ ‏محمدا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج ‏ ‏البيت ‏ ‏إن استطعت إليه سبيلا
قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه !
قال فأخبرني عن الإيمان ؟
قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره
قال صدقت قال فأخبرني عن الإحسان ؟
قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك
قال فأخبرني عن الساعة ؟
قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل
قال فأخبرني عن ‏ ‏أمارتها ‏ ؟
‏قال : أن تلد الأمة ‏ ‏ربتها ‏ ‏وأن ‏ ‏ترى الحفاة العراة ‏ ‏العالة ‏ ‏رعاء الشاء ‏ ‏يتطاولون ‏ ‏في البنيان
قال ثم انطلق فلبثت ‏ ‏مليا ‏ ‏ثم قال لي يا ‏ ‏عمر ‏ ‏أتدري من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم .!. قال : فإنه ‏ ‏جبريل ‏ ‏أتاكم يعلمكم دينكم



ودلائل التوحيد كثيرة وإن شاء الله نتعرض لها في حينها
ونورد على سبيل المثال الآيات التالية :

أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ – 21
لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ -22
( الأنبياء )

وقال تعالى في سورة المؤمنون

مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ -91

****

ومن الأمور العجيبة والمستغربة أن نرى أناس يتوجهون بالعبادة
لغير الله , فمن الناس من يعبد البقر ومن الناس من يعبد الحجر
ومن الناس من يعبد نبي أو ولي
ومن الناس من ينكرون خالق الكون تكبرا منهم وعمى

ولذلك جاءت رسالة الإسلام للناس كافة ,
تأمرهم بعبادة الله وحده , وترك عبادة العباد ...
فإن عبادة الله وحده تأتي لصالحنا نحن البشر,
فهو الغني عنا وعن عبادتنا ,
فهو الخالق العظيم الذي جعل لنا الأرض صالحة للعيش عليها , وانظروا إلى الكواكب الأخرى التي لم تسخر للعيش عليها
وكيف كان حال الإنسان لو وجد على كوكب ليس به زرع يأكل منه , أو هواء يتنفسه , أو أنعام وطيور يأكل منها
فهل يصح بعد هذا أن يتجه الإنسان إلى صنم ليعبده ويظن أن الصنم ينفعه ؟؟
فهل يصح لعاقل أن يتجه بالعباده لمخلوق مثله مهما كانت مرتبته,
ملك أو ولي أو نبي ؟؟
فهل يصح للأنسان أن يتجه إلى الكواكب أو النجوم ليعبدها وهي مسخرة له ؟؟
إن الدعوة إلى عباده الله وحده تحررنا من عبادة العباد
وتجعل منا أحررا أعزة بالله , تنزع من قلوبنا الخوف من الأوهام ,


وبهذا القدر من العلم لا يجب على الإنسان أن يجعل لله ندا يطلب منه الرزق والغفران
فإن الله تعالى خلقنا وجعل بيننا أسبابا لتعيننا على إستمرارية الحياة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
فلا يعقل أن ينظر إلى تلك الأسباب على أنها الفاعلة
ومثال بسيط على ذلك الشمس , خلقها الله وجعلها سببا لكثير من مظاهر الحياة على وجه الأرض
فهل يعتقد عاقل أن الشمس هي الخالقة , إنها مسخرة مثلنا تماما , وهي طائعة للذي خلقها وخلقنا
وقس على ذلك الأمور الأخرى
فواقع الحال يقول

" لا إله إلا الله "

ولهذا الأمر الهام جاءت الآيات صريحة في أول سورة البقرة

قال تعالى :

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ-21
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ-22


نداء من الله للبشر جميعًا: أن اعبدوا الله الذي خلقكم ; فقد أوجدكم من العدم, وأوجد الذين من قبلكم; لتكونوا من المتقين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه
ربكم الذي جعل لكم الأرض بساطًا; لتسهل حياتكم عليها, والسماء محكمة البناء, وأنزل المطر من السحاب فأخرج لكم به من ألوان الثمرات وأنواع النبات رزقًا لكم, فلا تجعلوا لله نظراء في العبادة, وأنتم تعلمون تفرُّده بالخلق والرزق, واستحقاقِه العبودية.

والى الجزء التالي إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق