بسم الله الرحمن الرحيم
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا
القول في تأويل قوله تعالى : { تلك حدود الله فلا تقربوها } يعني تعالى ذكره بذلك هذه الأشياء التي بينتها من الأكل والشرب والجماع في شهر رمضان نهارا في غير عذر , وجماع النساء في الاعتكاف في المساجد . يقول : هذه الأشياء حددتها لكم , وأمرتكم أن تجتنبوها في الأوقات التي أمرتكم أن تجتنبوها وحرمتها فيها عليكم , فلا تقربوها وابعدوا منها أن تركبوها , فتستحقوا بها من العقوبة ما يستحقه من تعدى حدودي وخالف أمري وركب معاصي . وكان بعض أهل التأويل يقول : حدود الله : شروطه . وذلك معنى قريب من المعنى الذي قلنا , غير أن الذي قلنا في ذلك أشبه بتأويل الكلمة , وذلك أن حد كل شيء ما حصره من المعاني وميز بينه وبين غيره , فقوله : { تلك حدود الله } من ذلك , يعني به المحارم التي ميزها من الحلال المطلق فحددها بنعوتها وصفاتها وعرفها عباده . ذكر من قال إن ذلك بمعنى الشروط : 2501 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : أما حدود الله فشروطه . وقال بعضهم : حدود الله : معاصيه . ذكر من قال ذلك : 2502 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت الفضل بن خالد , قال : ثنا عبيد بن سليمان , عن الضحاك : { تلك حدود الله } يقول : معصية الله , يعني المباشرة في الاعتكاف .
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ
القول في تأويل قوله تعالى : { كذلك يبين الله آياته للناس } يعني تعالى ذكره بذلك : كما بينت لكم أيها الناس واجب فرائضي عليكم من الصوم , وعرفتكم حدوده وأوقاته , وما عليكم منه في الحضر , وما لكم فيه في السفر والمرض , وما اللازم لكم تجنبه في حال اعتكافكم في مساجدكم , فأوضحت جميع ذلك لكم , فكذلك أبين أحكامي وحلالي وحرامي وحدودي وأمري ونهيي في كتابي وتنزيلي , وعلى لسان رسولي صلى الله عليه وسلم للناس .
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
ويعني بقوله : { لعلهم يتقون } يقول : أبين ذلك لهم ليتقوا محارمي ومعاصي , ويتجنبوا سخطي وغضبي بتركهم ركوب ما أبين لهم في آياتي أني قد حرمته عليهم , وأمرتهم بهجره وتركه .
دعواتكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق