بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير الآية: { الله نور السماوات و الأرض }
إن معرفة الله لا تكون بمجرد الإعتراف بوجوده فإن كثيراً من الناس يعترفون لفظاً بأن الله موجود لكنهم في الحقيقة ليسوا مؤمنين بالله فاليهود الذين نسبوا إلى الله تعالى الجسمية و الجلوس و التعب. إنما الإيمان بالله أن يعتقد الإنسان إعتقاداً جازماً بأن الله موجودٌ لا شك في وجوده لا يشبه المخلوقات و لا يتصور في الأذهان و لا تبلغه الأوهام و لا تحيط به العقول و هذا هو معنى قول الإمام الجليل ذي النون المصري " مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك "، و أن يعتقد المرء أن الله أزليٌ أبديٌ لا يطرأ عليه أو على صفاته تبدلٌ أو تغير كان قبل المكان بلا مكان و بعد خلق المكان هو موجودٌ بلا مكانٍ و لا كيف ليس كمثله شىء و هو السميع البصير خلق الخلق فليس جسماً و خلق الضوء فليس ضوءً و في ذلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: من انتهض لمعرفة مدبره فانتهى إلى موجودٍ ينتهي إليه فكره فهو مشبه و من اطمئن إلى موجودٍ و اعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد. فالله تعالى لا يشبه شيئاً من خلقه ليس ضوءً و لا روحاً و لا جسماً كثيفاً أو لطيفاً فقد قال الله تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، و قال تعالى:{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }، أي لا شبيه لله و لا مثيل و لا نظير فهو الذي خلق العالم كله خلق النور و الظلمة فيستحيل أن يكون مشابهاً لشىءٍ من خلقه. و أما قوله تعالى { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض }، فليس معناه أن الله نورٌ بمعنى الضوء و من اعتقد ذلك فقد ضل و كفر إنما معنى الآية أن الله هادي أهل السماوات و المؤمنين من أهل الأرض لنور الإيمان كما فسرها ترجمان القرءان عبد الله ابن عباسٍ رضي الله عنهما. و الملائكة هم أهل السماوات و أهل الأرض هم الإنس و الجن فالله تعالى هدى من شاء من الإنس و الجن و هدى الملائكة كلهم للإيمان و الإيمان نور الله فمن رزقه الله الإيمان فآمن بالله و رسوله محمد صلى الله عليه و سلم فإن هذا نور الله قلبه قال تعالى:{ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌنُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ }، ففي هذه الآية ضرب الله مثلاً للإيمان الذي في صدر المؤمن بأنه كالمشكاة فيها مصباح و المشكاة أي الطاقة المسدودة لأنه لما يؤمن العبد بالله و رسوله صار قلبه فيه نور الإيمان ثم لما يتعلم هذا المؤمن القرءان و يعرف الحلال و الحرام صار فيه نورٌ على نور فلا يجوز العدول إلى القول بأن المراد بهذه الآية أن الله نورٌ بمعنى الضوء لأن ذلك كيفية و الكيفية يستحيل أن تكون إلهاً ثم إن قوله تعالى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، يدل على أن الله ليس نوراً بمعنى الضوء لأنه لو كان ضوءً لبطل ذلك لأن الأنوار متماثلة و قوله تعالى :{ مَثَلُ نُورِهِ }، صريح أن المراد هنا أن النور مضافٌ إليه فهو بمعنى الهداية و كذلك قوله تعالى { يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ }، ثم غن النور الذي هو ضوء مخلوقٌ لله تعالى كما قال تعالى:{ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ
وَالنُّورَ }، فإذاً يستحيل أن يكون الإله ضوءً فثبت أنه لا بد من التأويل و قد ذهب العلماء في ذلك إلى أقوال فقال بعضهم أن المراد بالآية أن الله هادي أهل السماوات و من شاء من أهل الأرض لنور الإيمان و هو قول ابن عباسس و الأكثرين و قال بعضهم أن المراد بالآية أن الله مدبر السماوات و الأرض بحكمة بالغة و قال بعضهم المراد أن الله منور السماوات و الأرض بنورٍ خلقه، فيتبين لنا أن أحداً من العلماي المعتبرين لم يفسر الاية بأن الله نورٌ بمعنى الضوء فلا يجوز أن يقال إن الله شبه نفسه بالضوء الذي يوضع في الطاقة يسقى بزيت الزيتون بل المراد أن الله هو الهادي و أنه هدى كل الملائكة أهل السماوات و هدى المؤمنين من أهل الأرض و هنا لا بد من التحذير مما ينسب إلى الله من التشبيه و التجسيم في بعض الكتب التي أُلفت في المولد النبوي كما ذكر في الكتاب المسمى مولد العروس المنسوب كذباً إلى ابن الجوزي حيث قيل فيه " إن الله تعالى قبض قبضةً من نور وجهه فقال لها كوني محمداً فكانت محمداً " ففي هذه العبارة نسبة الجزئية إلى الله تعالى و الله منزهٌ عن الجزئية و الإنحلال و لا يقبل التعدد و الكثرة و لا التجزؤ و الإنقسام و الله منزهٌ عن ذلك لا يشبه شيئاً من خلقه فهذه العبارة التي هي مذكورةٌ في الكتاب المسمى مولد العروس يجب التحذير منها لأنها توهم أن الله ضوءٌ و أن سيدنا محمداً جزءٌ منه و توهم أن سيدنا محمداً خلق من نورٍ و هذا كله كفرٌ و العياذ بالله فالله تعالى خلق النور فلا يشبهه قال تعالى{ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ }، و قال تعالى:{ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ }، أي لله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره و سيدنا محمدٌ صلى الله عليه و سلم ليس جزءً من الله لأن الله لا يتجزأ لأن ما يتجزأ ينتهي و ما ينتهي لا يكون إلهاً و قد قال الله تعالى:{ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً }، و من الكفر أيضاً قول إن محمداً خلق من نور لأن ذلك تكذيبٌ للقرءان فقد قال الله تعالى:{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ }، و ليحذر من مجرد قراءة الكتب دون التعلم من أهل العلم فإن كثيراً من الكتب فيها من المفاسد و المهلكات من تشبيه الله بخلقه و غير ذلك من المفاسد و إذا عرضت لنا ءاية أو سمعنا بحديثٍ يوهم ظاهره أن الله ضوءٌ أو يوهم تشبيه الله بخلقه فلنسارع إلى القول إن هذا النص له تأويل لأنه لا بد من موافقة القرءان بعضه بعضاً فقد قال الله تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} و نسأل الله تعالى أن يثبتنا على التنزيه و يجنبنا التشبيه إنه على ما يشاء قدير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الآية: الله نور السماوات و الأرض
تفسير الآية: { الله نور السماوات و الأرض }
إن معرفة الله لا تكون بمجرد الإعتراف بوجوده فإن كثيراً من الناس يعترفون لفظاً بأن الله موجود لكنهم في الحقيقة ليسوا مؤمنين بالله فاليهود الذين نسبوا إلى الله تعالى الجسمية و الجلوس و التعب. إنما الإيمان بالله أن يعتقد الإنسان إعتقاداً جازماً بأن الله موجودٌ لا شك في وجوده لا يشبه المخلوقات و لا يتصور في الأذهان و لا تبلغه الأوهام و لا تحيط به العقول و هذا هو معنى قول الإمام الجليل ذي النون المصري " مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك "، و أن يعتقد المرء أن الله أزليٌ أبديٌ لا يطرأ عليه أو على صفاته تبدلٌ أو تغير كان قبل المكان بلا مكان و بعد خلق المكان هو موجودٌ بلا مكانٍ و لا كيف ليس كمثله شىء و هو السميع البصير خلق الخلق فليس جسماً و خلق الضوء فليس ضوءً و في ذلك يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: من انتهض لمعرفة مدبره فانتهى إلى موجودٍ ينتهي إليه فكره فهو مشبه و من اطمئن إلى موجودٍ و اعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد. فالله تعالى لا يشبه شيئاً من خلقه ليس ضوءً و لا روحاً و لا جسماً كثيفاً أو لطيفاً فقد قال الله تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، و قال تعالى:{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }، أي لا شبيه لله و لا مثيل و لا نظير فهو الذي خلق العالم كله خلق النور و الظلمة فيستحيل أن يكون مشابهاً لشىءٍ من خلقه. و أما قوله تعالى { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض }، فليس معناه أن الله نورٌ بمعنى الضوء و من اعتقد ذلك فقد ضل و كفر إنما معنى الآية أن الله هادي أهل السماوات و المؤمنين من أهل الأرض لنور الإيمان كما فسرها ترجمان القرءان عبد الله ابن عباسٍ رضي الله عنهما. و الملائكة هم أهل السماوات و أهل الأرض هم الإنس و الجن فالله تعالى هدى من شاء من الإنس و الجن و هدى الملائكة كلهم للإيمان و الإيمان نور الله فمن رزقه الله الإيمان فآمن بالله و رسوله محمد صلى الله عليه و سلم فإن هذا نور الله قلبه قال تعالى:{ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌنُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ }، ففي هذه الآية ضرب الله مثلاً للإيمان الذي في صدر المؤمن بأنه كالمشكاة فيها مصباح و المشكاة أي الطاقة المسدودة لأنه لما يؤمن العبد بالله و رسوله صار قلبه فيه نور الإيمان ثم لما يتعلم هذا المؤمن القرءان و يعرف الحلال و الحرام صار فيه نورٌ على نور فلا يجوز العدول إلى القول بأن المراد بهذه الآية أن الله نورٌ بمعنى الضوء لأن ذلك كيفية و الكيفية يستحيل أن تكون إلهاً ثم إن قوله تعالى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، يدل على أن الله ليس نوراً بمعنى الضوء لأنه لو كان ضوءً لبطل ذلك لأن الأنوار متماثلة و قوله تعالى :{ مَثَلُ نُورِهِ }، صريح أن المراد هنا أن النور مضافٌ إليه فهو بمعنى الهداية و كذلك قوله تعالى { يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ }، ثم غن النور الذي هو ضوء مخلوقٌ لله تعالى كما قال تعالى:{ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ
وَالنُّورَ }، فإذاً يستحيل أن يكون الإله ضوءً فثبت أنه لا بد من التأويل و قد ذهب العلماء في ذلك إلى أقوال فقال بعضهم أن المراد بالآية أن الله هادي أهل السماوات و من شاء من أهل الأرض لنور الإيمان و هو قول ابن عباسس و الأكثرين و قال بعضهم أن المراد بالآية أن الله مدبر السماوات و الأرض بحكمة بالغة و قال بعضهم المراد أن الله منور السماوات و الأرض بنورٍ خلقه، فيتبين لنا أن أحداً من العلماي المعتبرين لم يفسر الاية بأن الله نورٌ بمعنى الضوء فلا يجوز أن يقال إن الله شبه نفسه بالضوء الذي يوضع في الطاقة يسقى بزيت الزيتون بل المراد أن الله هو الهادي و أنه هدى كل الملائكة أهل السماوات و هدى المؤمنين من أهل الأرض و هنا لا بد من التحذير مما ينسب إلى الله من التشبيه و التجسيم في بعض الكتب التي أُلفت في المولد النبوي كما ذكر في الكتاب المسمى مولد العروس المنسوب كذباً إلى ابن الجوزي حيث قيل فيه " إن الله تعالى قبض قبضةً من نور وجهه فقال لها كوني محمداً فكانت محمداً " ففي هذه العبارة نسبة الجزئية إلى الله تعالى و الله منزهٌ عن الجزئية و الإنحلال و لا يقبل التعدد و الكثرة و لا التجزؤ و الإنقسام و الله منزهٌ عن ذلك لا يشبه شيئاً من خلقه فهذه العبارة التي هي مذكورةٌ في الكتاب المسمى مولد العروس يجب التحذير منها لأنها توهم أن الله ضوءٌ و أن سيدنا محمداً جزءٌ منه و توهم أن سيدنا محمداً خلق من نورٍ و هذا كله كفرٌ و العياذ بالله فالله تعالى خلق النور فلا يشبهه قال تعالى{ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ }، و قال تعالى:{ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ }، أي لله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره و سيدنا محمدٌ صلى الله عليه و سلم ليس جزءً من الله لأن الله لا يتجزأ لأن ما يتجزأ ينتهي و ما ينتهي لا يكون إلهاً و قد قال الله تعالى:{ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً }، و من الكفر أيضاً قول إن محمداً خلق من نور لأن ذلك تكذيبٌ للقرءان فقد قال الله تعالى:{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ }، و ليحذر من مجرد قراءة الكتب دون التعلم من أهل العلم فإن كثيراً من الكتب فيها من المفاسد و المهلكات من تشبيه الله بخلقه و غير ذلك من المفاسد و إذا عرضت لنا ءاية أو سمعنا بحديثٍ يوهم ظاهره أن الله ضوءٌ أو يوهم تشبيه الله بخلقه فلنسارع إلى القول إن هذا النص له تأويل لأنه لا بد من موافقة القرءان بعضه بعضاً فقد قال الله تعالى:{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} و نسأل الله تعالى أن يثبتنا على التنزيه و يجنبنا التشبيه إنه على ما يشاء قدير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق