وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ


بسم الله الرحمن الرحيم


وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ


القول في تأويل قوله تعالى : { ولتكملوا العدة } . يعني تعالى ذكره بذلك : { ولتكملوا العدة } عدة ما أفطرتم من أيام أخر أوجبت عليكم قضاء عدة من أيام أخر بعد برئكم من مرضكم , أو إقامتكم من سفركم . كما : 2376 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : { ولتكملوا العدة } قال : عدة ما أفطر المريض والمسافر . 2377 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { ولتكملوا العدة } قال : إكمال العدة : أن يصوم ما أفطر من رمضان في سفر أو مرض إلى أن يتمه , فإذا أتمه فقد أكمل العدة . فإن قال قائل : ما الذي عليه بهذه الواو التي في قوله : { ولتكملوا العدة } عطفت ؟ قيل : اختلف أهل العربية في ذلك , فقال بعضهم : هي عاطفة على ما قبلها كأنه قيل : ويريد لتكملوا العدة ولتكبروا الله . وقال بعض نحويي الكوفة : وهذه اللام التي في قوله : { ولتكملوا } لام كي , لو ألقيت كان صوابا . قال : والعرب تدخلها في كلامها على إضمار فعل بعدها , ولا تكون شرطا للفعل الذي قبلها وفيها الواو ; ألا ترى أنك تقول : جئتك لتحسن إلي , ولا تقول : جئتك ولتحسن إلي ; فإذا قلته فأنت تريد : ولتحسن جئتك . قال : وهذا في القرآن كثير , منه قوله : { ولتصغى إليه أفئدة } 6 113 وقوله : { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين } 6 75 ولو لم تكن فيه الواو كان شرطا على قولك : أريناه ملكوت السموات والأرض ليكون , فإذا كانت الواو فيها فلها فعل مضمر بعدها , و " ليكون من الموقنين " أريناه . وهذا القول أولى بالصواب في العربية , لأن قوله : { ولتكملوا العدة } ليس قبله لام بمعنى التي في قوله : { ولتكملوا العدة } فتعطف بقوله : { ولتكملوا العدة } عليها , وإن دخول الواو معها يؤذن بأنها شرط لفعل بعدها , إذ كانت الواو لو حذفت كانت شرطا لما قبلها من الفعل .


وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ

القول في تأويل قوله تعالى : { ولتكبروا الله على ما هداكم } يعني تعالى ذكره : ولتعظموا الله بالذكر له بما أنعم عليكم به من الهداية التي خذل عنها غيركم من أهل الملل الذين كتب عليهم من صوم شهر رمضان مثل الذي كتب عليكم فيه , فضلوا عنه بإضلال الله إياهم , وخصكم بكرامته فهداكم له , ووفقكم لأداء ما كتب الله عليكم من صومه , وتشكروه على ذلك بالعبادة له . والذكر الذي خصهم الله على تعظيمه به التكبير يوم الفطر فيما تأوله جماعة من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 2378 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن داود بن قيس , قال : سمعت زيد بن أسلم يقول : { ولتكبروا الله على ما هداكم } قال : إذا رأى الهلال , فالتكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الإمام في الطريق والمسجد إلا أنه إذا حضر الإمام كف فلا يكبر إلا بتكبيره . 2379 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : سمعت سفيان يقول : { ولتكبروا الله على ما هداكم } قال : بلغنا أنه التكبير يوم الفطر . 2380 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : كان ابن عباس يقول : حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم ; لأن الله تعالى ذكره يقول : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } قال ابن زيد : ينبغي لهم إذا غدوا إلى المصلى كبروا , فإذا جلسوا كبروا , فإذا جاء الإمام صمتوا , فإذا كبر الإمام كبروا , ولا يكبرون إذا جاء الإمام إلا بتكبيره , حتى إذا فرغ وانقضت الصلاة فقد انقضى العيد . قال يونس : قال ابن وهب : قال عبد الرحمن بن زيد : والجماعة عندنا على أن يغدوا بالتكبير إلى المصلى .

وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

القول في تأويل قوله تعالى : { ولعلكم تشكرون } . يعني تعالى ذكره بذلك : ولتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق . وتيسير ما لو شاء عسر عليكم . و " لعل " في هذا الموضع بمعنى " كي " , ولذلك عطف به على قوله : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } .


دعواتكم
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق